نونا Jr. Member عـضـو نـشـيـط
عدد الرسائل : 199 العمر : 36 البلد : العراق المهنة : طالبة التحصيل الدراسي : طالبة الهندسة نقاط : 6070 تاريخ التسجيل : 15/04/2008
| موضوع: التصوير الشعبي الكردي الجمعة 23 يناير 2009 - 13:56 | |
| " التصوير الشعبي الكردي " في دلالات المفهوم
لابد من إلا قرار بادئ ذي بدء, بأن (الفلكلور ) يضم مأثورات مادية مثل : الرسم والنقش والنحت ....... الخ , إلى جانب التعبيرات الروحية . ويمكن القول بأن (التصوير الشعبي ) كفن أبدعه فنانون من عامة الشعب , يعد من بين اهم أشكال مثل هذه التعبيرات المادية أهمية , ومن أكثرها ارتباطا بالفولكلور , وهو الى جانب كل ما ذكر, خير وسيلة لمحاكاة الواقع والكشف عم جمال العالم الموضوعي , لكونه _ أي التصوير الشعبي _ عبارة عن \"مجموعة من الخطوط والألوان والإشكال , مرسومة بمواد سهلة ومسيرة , غنية بالرموز والدلالات , وتختصر تاريخ امة بما لها من تقاليد وعادات . وإنه يعبر عن روح ٍ الجماعة, ويتماشى مع ذوقها , فن أفرزته الثقافة مع الأيام يمارسه الناس إبداعا وتذوقاً , يكون مجهول الهوية والتاريخ أحيانا , لأنه ملك الجماعة . والتصوير الشعبي , فن وظيفي فله وظيفة جمالية تزينيه وأخرى علاجية , ناهيك عن وظائفه السحرية ( كمقاومة الأرواح الشريرة وتجنب إصابة العين ) والدينية ..... الخ ومن الجدير بالذكر , ان الإسلام قد أعاق تطور بعض الفنون الجميلة مثل الرسم والنحت , بخلاف فن العمارة والزخرفة وصناعة السجادة الحفر على الخشب والمعادن , التي شهدت تقدما ملحوظا في العصور الوسطى , من الملاحظ ان الإسلام قد عوض عن هذا النقص – ان صح التعبير – بالمزيد من الصور الفنية والبلاغية , التي ميزات القرآن الكريم . ويمكن تفسير كره الإسلام للتشخيص والوشم مثلا في مجال التصوير الشعبي . بالخوف من ارتداد الناس الى عبادة الاوثان , او تأليه بعض الشخصيات , رغم انه لم يرد نص صريح في القرآن يحض على تحريم التصوير , وكل ما هنالك بعض الأحاديث التي نسبت الى النبي , والتي يستشف منها الامتعاض , ومنها مثلا ۩ ان الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم احيوا ما خلقتم ۩
- \" لا يدخل الملائكة أي بيت يوجد فيه كلب او صورة لاي كائن حي \" - \" الرجل الذي يدخل النار , رجل قتل نبيا او قتله نبي او يصور تماثيل \" - \" ان أشد الناس عذابا يوم القيامة هم المصورون \" - ووفق رأي (د.أكرم قانصو ) فأن التحريم يؤكد مسألتين :
الأولى: لجم كل محاولة تستهدف العودة الى الوثنية والارتداد عن الإسلام الثانية : عدم مشاركة الله في خلقه مما سق قوله يمكن الكشف عن الجذور التاريخية لمثل هذا الموقف , بمثل ما اشاره إليه أيضا فضيلة الشيخ (محمد عبدو ) الذي سبق ان طرح القضية في سياقها التاريخي , وذلك كإجراء احترازي في مواجهة الارتداد عن الإسلام يومئذ , ويمكن بالتالي استنتاج مفاده هو الإسلام أجاز التصوير شرط عدم مضاهاة الله في خلقه , أي \" الابتعاد عن تقليد الواقع بحرفيته\". بعد هذا المدخل يمكن تسليط الضوء على فلسفة التصوير عند الكرُد , تلك التي تأثرت بها المفاهيم الجمالية في الوسط الشعبي الكردي . ان تناول النتاج الجمالي لشعب ما كالشعب الكردي , بمعزل عن نشاطه الاجتماعي عبر التاريخ وعلاقته ببقية الشعوب والأمم , وهي محاولة عبثية , وهذا يتجلى في محاولة الاتجاه المثالي في علم الجمال , الذي لا يكف عن الادعاء بان جمال العالم المادي ما هو الا محاكاة فاشلة للجمال الإلهي . لان هارمونية أروع لوحة – وفق هذا المنظار – وهي نسخة مقلدة لهارمونية الطبيعة , التي هي ارقى من الفن على حسب اعتقاد ( ديدرو ) , لان الفنان لا يستطيع :\" ان يبدع إنتاجا يكون بغناه الهارموني وبسحر ألوانه وبنسبة المتنوعة .ان يفوق الطبيعة , لان النسخة لا يمكن ان تفوق الأصل ( 1 )
مميزات التصوير الشعبي الكردي
من المعروف ان الرسام او الفنان الشعبي الكردي , مثله في ذلك كمثل كل الفنانين الشعبيين , كان لا يؤرخ نتاجا ته على الأغلب , لذا فأن معظم تلك النتاجات لم تصل إلينا منها سوى النذر اليسير , لأسباب متعددة منها مثلا : طبيعة المادة التى كانت تصاغ منها فنون التصوير الشعبي , والتي جعلتها عرضة للتلف وعدم إ]لاء أي اهتمام يذكر من قبل علماء الآثار والمتاحف والمؤسسات المعنية , بمثل تلك النتاجات , ناهيك عن الظروف السياسية للإنسان الكردي والتي جعلتها عرضة للسلب والنهب من قبل الآخرين . ومن الملفت للنظر ان لوحة التصوير الشعبي الكردي غنية بالرمز , الذي يعد من اهم عناصرها . فرغم إهمال التظليل في رسم اللوحة , نجد ان (اللون ) كان يوظف كدلالة . فالأسود رمز الحزن او الاستعباد ( مثلا لوحة تصوير مم في زنزانته ) , والأبيض رمز الطهارة والصفاء والنقاء , والأخضر رمز الخير والبركة , والأحمر رمز الثورة , وهذا ما تجسد في العلم الكردي المتعدد الالوان . والى جانب اللون استخدم ( الحيوان ) كرمز . فالأسد والنمر رمز الشجاعة والحية رمز الشر غالبا الحرباء رمز الانتهازية والبوم رمز الشؤم والطاووس رمز مقدس لدى الكرُد الايزيدين , والحمامة رمز السلام والأمان , فيروى بان نوحا قد اطلق حمامة أبان الطوفان فعادت وفي منقارها غصن الزيتون , عندئذٍ : أدرك نوح ان الماء قد انحسر وان الشاطئ السلام بات قريبا . اما الشمس فرمز الحرية والهلال رمز مقدس لدى الكرُد الملمين , والكف وفي داخلها عين واحدة , تعويذة تستخدم درءا لشر محتمل لذا كثيرا , ما يصور الفنان سهما يخترق العين الحاسدة . بالإضافة الى ما ذكرناه ’ تتصف اللوحة الشعبية الكردية بمايلي : 1 – عدم مراعاة الفنان الشعبي إظهار ( البعد الثالث ) في لوحته ويمكن تعليل خلفية هذه الظاهرة بكراهية الاسلام للتشخيص او التجسيم . 2 – إهمال للمقاييس وقواعد المنظور , مما أضفت هذه الخاصية على لوحاته من دون قصد , مسحة من السذاجة كالتي تتصف بها رسوم الأطفال . 3 - خلو اللوحة الشعبية من الدلالات الحركية او التعبيرية , فالوجوه جامدة وتفتقر الى الانفعال . 4 - خلو اللوحة من مناظر الطبيعية في أكثر الأحيان , رغم المناظر الخلابة التي تتميز بها كردستان . 5 – نزوع الفنان الى الزخرفة
نماذج من إشكال التصوير الشعبي الكردي
1 – الوشم والوسم : فالوشم عادة قديمة ’ تعود الى عهد السومريين , من المعتقد ان المرأة السومرية , كانت تتزين عن طريق الوشم الذي ما زالت ( الوشامات او الدكاكات ) يعملن به عن طريق مساحيق معينة في المكان المحدد في جسم الإنسان ( الوجه او الكفان غالبا ) ثم يوخزنه عن طريق الإبرة , فيبقى الاثر مدى الحياة , وللوشم وظيفة جمالية , خصوصا بالنسبة للمرأة , التي كانت تزين يدها او شفتها السفلى حتى الذقن او خديها , فتزيدها هذه التزيينات جاذبية إضافية , وتحل تلك الرسوم بذلك محل الشامات والحلي والأساور والخلاخل . اما دلالات الوشم بالنسبة للرجل فكانت ذات معان مختلفة تماما . وقد يكون للوشم وظيفى سحرية او علاجية ( الاستشفاء من بعض الامراض ) . والظاهر ان مثل هذا العمل كان منوطا بالنساء على الأغلب والى جانب الوشم سادت عادة التزيين بالحنة ( لمدينة الموصل شهرة في إنتاجها ) فكانت يد العروس تزخرف بها عادة ايام الزفاف , او ان الفتيات كن يتزين بها أيام الأعياد , وإلا إن أثرها سريع الزوال , لا يدوم سوى أياما معدودات .
الوسم : فما هو سوى رمز ذو دلالة معينة يرسم عن طريق ( الكي ) علة وجه حيوان ما او إذنيه , لتمييزه , هذا وقد أورد البخاري في صحيحة حديثا لأنس بن مالك , جاء فيه النبي : \" كان يسم إبل الصدقة , لتمييزها عن غيرها \".
2 الرسوم الجدارية : وتكون عن طريق الطلاء او الحفر الغائر او الحروف البارزة , وترسم عادة على جدران المنازل من الاخل والخارج او على المساجد والمقابر او على الورق . وكانت تطبع بعض الاشكال عن طريق اختمام مصنوعة من حجر , قبل الطباعة والحديثة .
3 – زخرفة الاواني الفخارية : انتشرت هذه الأواني على نطاق واسع بسبب رخص الخامات التي كانت متوفرة في البيئة الكردية . ومن المعلوم ان مثل هذه الأواني الفخارية , كانت تصنع من صلصال مشوي , وكانت الفخاريات ( مثل التنور , الجرة , الكوز , الدن ... الخ ) تزين بشتى الزخارف,ولم يقل الاهتمام بها الابعد ظهور المواد الأخرى كالمعادن واللدائن ( البلاستيك ) ... الخ على نطاق واسع . 4 تزين البسط و الحصر والسجادات والنسيج : وصناعتها كانت اما يدوية او على النول اليدوي , اما مادتها , فكانت تختلف باختلاف البيئة . من الأقمشة التى ذاع صيتها عالميا ( الموسلين ) نسبة الى الموصل (البروكار ) التى اشتهرت بها دمشق , والكلمة مركبة من برو وهي تصغير لاسم كردي امتهن هذه المهنة , يدعى ابراهيم اما ( كار ) فتعني الصنعة او العمل . 5 رسوم الخشب والمعادن الثمينة : كالتي تزين بها صندوق العروس او تزين بها الابواب , فضلا عن زخارف الأساور والخلاخل والنطاق ... الخ , المصنوعة من الذهب والفضة , او زخارف الحلي المصنوعة من الأحجار الكريم . موضوعات التصوير الشعبي الكردي :
تنوعت الموضوعات وتوزعت بين العناصر الآدمية ( كاوى الحداد , مم وزين , صلاح الدين الأيوبي , الامراء , القادة ...الخ ) والحيوانية ( الأفعى , والأسد , والثعلب , وحيوانات البيئة ...الخ ) والزخارف على الكتابات ( آيات من القرآن الكريم ) والمباني ( المآذن ) ..الخ . ولم ينس الفنان اغطية الرأس وإشكال الأزياء والحلي ( بالنسبة للمرأة ) والسلاح ( بالنسبة للرجل ) ..الخ وهكذا نجد الموضوعات تنوعت بين أسطورية وتاريخية دينية واجتماعية . وفي الختمام يمكن القول بأن التعرف على نشاط الانسان الكرُدي البدائي , عبر تلك الاوابد والمباني والأسلحة الحجرية وغير الحجرية والمنحوتات والرسوم , التي ظهرت اول ما ظهرت على الصخور او الارض , ثم انتقلت الى داخل المغائر , بعد ان \" اشتدت حاجة الإنسان الى تلك الصور \" ويأتي في نطاق هذه الحاجة طبعا , ممارسة السحر وتوظيف مثل هذه الفنون التشكيلية في تعزيز المفاهيم الروحية ,واستخدام تلك الادوات ( الطبيعية او المصنوعة ) لتذليل العقبات التي كانت تحيل بين الإنسان البدائي وبين الاستغلال الناجع للطبيعة ولثرواتها . من هنا , يمكن التأكيد بأن ممارسة الرسم /ثلا كانت عبارة عن نشاط يومي \" يضاف الى عملية الصيد والبحث عن الغذاء . ان هذا الامر يؤدي بنا الى الاستنتاج مفاده , هو ان مثل هذه الفنون , وفي طليعتها فن التصوير , هي سجل تاريخي حافل بتصورات الإنسان الكرُدي البدائي عن الطبيعة والمجتمع وأساليب كفاحية من اجل البقاء وسبل العيش , وهذا يقتضي من المؤرخين وعلماء الآثار بذل المزيد من الجهد للكشف عن تلك الأوابد التي تحفظ جزءا هاما من تاريخنا القديم
| |
|