اولاً : الكرمانجية الشمالية التي يتحدث بها اكثر من نصف الشعب الكردي ، وتنتشر في شمال وغرب كردستان وأقليم بهدينان ومناطق أخرى .
وثانياً : الكرمانجية الوسطى ( السورانية ) وهي اللهجة الثانية من حيث الأنتشار ولكنها تعتبر اللهجة الأولى من حيث تطورها اللغوي إذ يجري التدريس بها منذ أكثر من ثمانين عاماً .
وثالثاً : اللهجة الكرمانجية الجنوبية ومنها اللورية وفروعها اللك والفيلية والبختيارية .
ورابعاً : اللهجات الفرعية ، وهي الهورامية والكورانية والزازا.
تطوير اللغة الكردية يتحملها نخبة المثقفين واللغويين ومدرسي اللغة وخبراؤها ، وأقرأ بعض المقالات لبعض الكتاب الأكراد حول اللهجة التي تمثل اللغة الفصحى بين هذه اللهجات ، وفي رأيي المتواضع فإن اللهجات الحية للسان الكردي كل منها تمثل مكان الصدارة في اللغة الكردية ، وإذا قارنا اللغة الكردية مع اللغة العربية الفصحى ، فإن هذه الأخيرة كانت لهجة من لهجات اللسان العربي ، وهي لهجة قبيلة قريش ، وإن النبي محمد بن عبدالله كان من قبيلة قريش وإن القران الكريم نزل بهذه اللغة ( لهجة قريش ) ولهذا اعتبرت هي اللغة الفصحى . وحسب المنجد في اللغة العربية المعاصرة فإن الفصاحة هي وضوح الكلام ، وفصحى هي لغة الأدب والشعر وهي خلاف العامية
من أجل لغة كردية فصحى ينبغي ان يكون ثمة مجلس للخبراء والباحثين في شأن اللغة الكردية بغية وضع منجد لغوي شامل للمصطلحات والمفردات التي يكون مصدرها اللهجات المبثوثة في المجتمع الكردي المقسم على الدول السياسية في المنطقة
كما ان من عوامل إبقاء اللغة الكردية حية هو من شأن مجلس الخبراء حيث يترتب عليهم تكييف لغتهم مع المصطلحات اليومية الجديدة في مجال السياسة والصناعة والأقتصاد والعلوم المختلفة . إذ لا يكفي في الوقت الحاضر ثراء اللغة في الأدب والشعر إنما عليها ان تتكيف مع الوقت وتتميز بالمرونة بغية مواكبة عجلة التقدم السريعة في كافة ميادين الحياة
من غير شك ان التعلم والدراسة بلغة الام يعتبران من المقومات الضرورية لأي شعب يريد الحفاظ على شخصيته الأثنية ، لكن القناعة والأكتفاء الذاتي بلغة الأم ، غير مجديان ما لم تقترن بتعلم لغات أخرى لاسيما اللغات الأوروبية وفي مقدمتها اللغة الأنكليزية . لأن هذه اللغات هي المفاتيح السحرية التي تمكن الأنسان من الأطلاع على المنجزات البشرية المذهلة في مختلف حقول العلم والمعرفة والأتصالات والمخترعات الأخرى
* في مجال الشعر والأدب والتراث الشعبي
إذا كان الشعب الكردي لم يحالفه النجاح على مدى تاريخه في تأسيس الدولة الكردية ، لكنه نجح في المجالات التي تؤسس لبناء الشخصية والذاتية الكردية ، إن الأمية التي كانت سائدة لم تمنع هذا الشعب من تأليف الأشعار والأغاني التلقائية العفوية التي تنساب من قرائح متوقدة حول الحب والحبيبة والشجاعة والمعارك ، معتمدين على الذاكرة التي لا تخيب فتنتقل بين الناس باعتبارها الفولكلور الشعبي فيتلقفها الناس وتنتقل مع الأجيال عبر الزمن.
الأغنية الكردية مشهورة بوصفها الكامل لسير المعركة بتفاصيلها الدقيقة ، وكأنها تقرير صحفي . وفي الحب بين حبيب وحبيبته يميل الغناء الكردي الى الأدب المكشوف.
وفي الأدب الكردي هناك الملاحم والقصص الفولكلورية وطرائف مختلفة ذات مغزى ، وأخرى تحمل طابعاً اسطورياً فهناك ملحمة قلعة دمدم ، وكنا نسمع في القوش عن قلعة دمدمّا ، حيث يقول المثل الألقوشي : "ميراتي خورا بشلا قلعة ددمدمّا Merati Khura Peshla Qalaa Demdema " وهل أصبح الأمر .. قلعة دمدم ؟ ويضرب المثل حينما يكون الأمر مستعصياً غير قابل للحل . ويذكرها قاسملو في ( كردستان أيران 45 ) فيقول : وقاوم الأمير برادوست خان القوات الصفوية بشجاعة كبيرة في عام 1608 في غابات " دمدم " وقلاعها ، وقد تحولت هذه المقاومة الى ملحمة قلعة دمدم لا زالت تتردد على السنة أبناء الشعب الكردي الى يومنا هذا.
وهناك ملحمة ميم وزين لكاتبها أحمد خاني وتعتبر هذه الملحمة ثورة أدبية ثقافية حيث كان الأدب الكردي شفهياً حتى القرن السابع عشر الميلادي حيث عكف أحمد خاني على كتابة هذه الملحمة باللغة الكردية .
ثم نحاول الأحاطة بالقصة التي اقتبسها " باسيلي نيكيتين : الكرد 439 ـ 440 وأنا اعطيها صبغة اسطورية وهذه القصة نقلها القس الكلداني بول بيدار الساكن في الموصل . وهي حول جسر زاخو او جسر العباسي وباللغة الكلدانية ( كشرا دّلالي ) أي جسر الفتاة المدللة وهذا ملخصها .
كان العمل جارياً في بناء جسر زاخو الكبير وبعدما بلغ البناء حد الطاق القوسي للجسر كانت كل محاولات إكمال بنائه تبوء بالفشل لربط طرفي الجسر ببعضهما ، فيبقى الجسر هكذا غير منجز .
ويكشف البنّا لأمير زاخو سراً ان الجسر لا يكتمل دون زرع روح حية بين الأحجار ، وهكذا يصدر الأمير قراراً مفاده أن اول شخص يصل الى موقع الجسر يكون مصيره زرعه بين حجارة الطاق الذي لم يكتمل بناؤه .
لقد كان للأمير بنتاً جميلة عزيزة على قلبه اسمها ( دالي ) وتوجهت الفتاة يتقدمها كلبها الى موقع الجسر لتشاهد إكمال الطاق ، وابتسم والدها حينما لمح ان الكلب يتقدم ابنته ، لكن كريمته تصورت أن أباها يسخر منها لانها قدمت على نفسها كلباً حقيراً ، وهكذا تقرر الفتاة ان تتقدم على الكلب وتبلغ الجسر قبله ، فينتاب الجميع قلق وحزن على مصير الفتاة ، ثم أن الأمير يأمر بزرع ابنته حبيبته دالي في قوام البناء ، وهي من جانبها تستسلم للأمر بكل هدوء ، فيكمل البناء حينما تبنى البنت بين الحجارة . وعندما سدت آخر حجرة عيني الفتاة وهي تحيي والدها العزيز سقطت من عينيها دمعتان على خدي الوالد وقضي الأمر .
إن مغزى هذه القصة هو ان كل مشروع ذو منفعة كبيرة لا بد من تضحية كبيرة وتمثل الروح الأنسانية أغلى التضحيات .
ا