زاغروس أصـل الأكـراد
(زاغروس) كان وطناً قومياً للشعب ( الكوتي – الـﮕوتي - الجوتي ) نذكر الأن العلاقة بين لفظي ( كوتي) و (ﮕوتي) فنقول إن اللوحتين الأثريتين اللتين اكتشفتا أخيراً ويرجع تاريخهما إلى عهد الملك الآشوري (توكولتي – اينورتا) وتدلان على حادثة واحدة – مكتوب على إحداهما لفظ (كوتي – جوتي ) وعلى اللوحة الأخرى لفظ (ﮕورتي ) مما يدل على أن هذين الاسمين كانا يطلقان على شعب واحد , أو أن لفظ (ﮕورتي) أو (كورهي- Kurhi ) كان يطلق على قسم عظيم من الشعب الكوتي .
ومعظم المستشرقين درسوا دراسة دقيقة , كلمة (كورتيوي ) التي بينها وبين كلمة (ﮕورتي) تشابه لفظي كبير . فقال مؤلف كتاب ( الرابطة اللغوية للفظ كرد) إن كلمـة ( كورتيوي ) هذه مهمة جداً للبحث عن أصل السكان في كردستان . ثم يلخص المستشرق ( دريفر) رأيه فيقول " أن كلمات كاردا , كاردوخي, كورتوخي , غوردي , كاغرداك, سيرتي , كيرتي , غوردياي , غوردئين , كاردو , كاردا, كارداويه , كاردايه , كارتاوايهأو كرداييا ... إلخ كلها ترجع إلى أصل واحد بالرغم من تنافرها وعدم اتحادها في النطق والتلفظ" . وعلى هذا النسق يرجع هذا المستشرق أصل الأمة الكردية الحالية إلى الشعب الكاردوخوي الذي ذكره ( زنيفون ) وإلى الشعب الكاردأي , الذي كان معاصراً للسومريين , وعلى رواية من روايات العهد الثالث لحكومة (أرو) كـان لفظ ( كاردا ) اسم لعشيرة من العشائر وإن اللوحة الأثرية التي تشتمل على هذه الرواية يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد في عهد ( آراد- نانار ) ملك (لاغاش) هذا واسم العشيرة التي عرفت بلفظ (كاردا) يمكن أن يقرأ بلفظ (كار داكا) فيؤخذ من كل هذه الإيضاحات أنه من المؤكد وجود صلة قوية بين لفظ (كرد) الحالي ولفظ (كورتيوي)القديم . وإن التعاريف الجغرافية لبلاد (كاردخوي) و (كوردئين) وأمثالهما من الألفاظ المشتركة , لتنطبق تمام الانطباق على محتويات الوثائق القديمة الخاصة بـ (كورتيوي) , حتى أن قسـماً كبيراً مـن المؤرخين النابهين لم يترددوا قط في اعتبار هذه
الكلمات كلها ألفاظاً مشتركة لمسمى واحد . ومع ذلك فأنه يوجد بين سكان كردستان
الحالي أحفاد وسلائل من الشعب الكوتي ذلك . ويقول الدكتور سبايزير في كتابه (شعوب ما بين النهرين ص 117 ) إن هؤلاء القبائل والعشائر التي تعيش الآن باسم (الكرد) لم تكن في وقت من الأوقات قوقازية أكثر منها في الحال الحاضرة . نعم إن هذه العشائر والقبائل تختلف بعض الاختلاف في اللغة واللهجة والعادات والطباع , فمثلا أن أهالي مدينة (السليمانية ) لا يمكنهم التفاهم بسهولة مع أبناء قومهم الساكنين في منطقة بهدينان كما أنه يوجد بين الأكراد الحاليين جماعات من الأرمن وبعض العناصر السامية والآرية . وعلى هذا لا يمكننا أن نقطع أن الكرد متحدرون من أصل واحد . وغني عن البيان أن السكان الأصليين لكردستان كانوا يتآلفون من عدة أقسام , فكانوا في الأدوار الأولى من التاريخ يعيشون مع بعض الأقسام الرحل من الآشوريين و الآراميين في جبالهم و وهادهم الخاصة بهم .
و أخيراً , بعد غلبة ( الآرية) على هذه البلاد , جاءت بعض العناصر الإيرانية أيضاً و اندمجت في سائر السكان . وهذه النظرية مبنية على دراسة اللغة الكردية والأحوال الاجتماعية والطبيعية , الحاضرة للبلاد .
ومع هذا فلا يُنكر وجود بعض عناصر قديمة من سلالة شعوب زاغروس بين الأكراد اليوم . فيتبين من هذا ومن دراسة اللغة , أن الشعب الكردي إن هو إلا قسم كبير من أقسام شعوب (زاغروس) وإنهم و إن كانوا قد تعرضوا مراراً لاحتلال الأجانب و إغارتهم المدمرة في مختلف أدوار التاريخ ,إلا أنهم كانوا يحافظون دائماً على استقلالهم الطبيعي وحرياتهم الشخصية والقبلية , بالنزوع من المدن والقرى إلى الأدغال و الوهاد و الاعتصام برؤس الجبال الراسيات , كلما ضاق بهم الأمر و اشتدت بهم الحال . وكانوا بعد زوال السيول الجارفة من الإغارات والغزوات الأجنبية يعودون إلى موطنهم الأصلية فيتفرغون لبناء البلاد وترفيه العباد . كما هو شأنهم حتى الآن .