ما نعني بأن المسيح ابن الله ؟
لقد ورد لقب السيد المسيح في الكتاب المقدس أنه "ابن الله" مرارا كثيرة. سوف نورد بعض الآيات التي تذكر ذلك ثم نوضح مفهوم هذا اللقب.
1ـ (مت3: 17) عند نهر الأردن وقت العماد سمع صوت من السماوات قائلا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"
2ـ (مت17: 5) في يوم تجلي المسيح على الجبل "إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا"
3ـ (مر9: 7) مكتوب "وكانت سحابة تظللهم فجاء صوت من السحابة قائلا: هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا"
4ـ (2بط1: 17و) "أقبل عليه صوت كهذا من امجد الأسنى هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به"
5ـ (لو3: 22) "ونزل عليه الروح بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا أنت ابني الحبيب بك سررت"
6ـ (يو1: 1"الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر"
7ـ (يو3: 35و36) "الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده، الذي يؤمن الابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن ير حياة بل يمكث عليه غضب الله"
8ـ (1يو4: 14و15) "ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصا للعالم من اعترف أن يسوع هو ابن الله فالله يثبت فيه وهو في الله"
هذه الآيات وغيرها الكثير في الكتاب المقدس توضح أن لقب المسيح أيضا هو ابن الله. ولكن بأي معنى؟ هل بالمعنى الجسدي والتوالد الجنسي كالبشر؟ كلا وألف كلا. لكنها الولادة الروحية .
أننا لا نقصد إطلاقا من تعبير "ابن الله" وجود أية علاقة جسدية أو تناسلية أو أن الله سبحانه كان له صاحبة (أي زوجة) فحاشا لله أن يكون له ذلك.
وربما يتساءل البعض من أين أتينا بتعبير أن المسيح هو ابن الله؟
الواقع أن هذا التعبير ليس من اختراع إنسان وإنما قد ذكر بصريح القول في الإنجيل المقدس إذ قيل للعذراء مريم:"القدوس المولود منك يدعى ابن الله".
ولكن ماذا نعني بهذا الاسم؟
هذا يقودنا إلى توضيح :
لإيضاح ذلك نورد بعض مدلولات كلمة (ابن). وبالرغم من أن هذه الكلمة مرتبطة في عقول الناس بالولادة الجسدية التناسلية، إلا أنه في الواقع هناك معان كثيرة لهذه الكلمة نورد هنا بعضها:
كلمة (ابن) تفيد ذات الطبيعة والجوهر:
فمثلا (ابن الإنسان) هو إنسان له طبيعة الإنسان البشرية، أي أن له لحم ودم مماثل لأبيه، فهو من طبيعة الإنسان ومن جوهره. فلكي يوضح لنا الله أن كلمته المتجسد في المسيح له نفس طبيعة وجوهر (الله) الذي لم يره أحد قط، عبر عن ذلك بالقول (ابن الله).
ولذلك نقول في قانون الأيمان (بالحقيقة نؤمن بإله واحد: الله الآب … نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد... نور من نور (أي من ذات طبيعة وجوهر الله).
وأيضا كلمة (ابن) تفيد تأكيد المعنى:
فإذا قلنا (فلان عربي ابن عربي) فإننا نريد أن نؤكد أصالة العروبة في هذا الشخص أي أنه عربي حقاً. وعلى هذا القياس فقولنا (المسيح ابن الله) هو تأكيد أن المسيح من جهة طبيعته اللاهوتية هو من طبيعة الله حقاً. لذلك نقول في قانون الإيمان عن المسيح (.. .. إله حق من إله حق).
كما أن كلمة "ابن" تفيد المساواة:
فإذا قلنا (فلان ابن عشر سنوات) نقصد أن عمره مساو لعشر سنوات. وعلى هذا القياس فقولنا (المسيح ابن الله) تفيد أن المسيح من جهة لاهوته هو مساو لله. ولذلك نقول في قانون الإيمان عن المسيح (مساو للأب في الجوهر).
4- كذلك كلمة "ابن" تفيد ذات الشيء معلناً (ظاهراً):
فقولنا (بنات الفكر) نقصد الفكر ذاته معلنا أو ظاهراً. وعلى هذا القياس فقولنا (المسيح ابن الله) يفيد أن المسيح من جهة لاهوته هو ذات الله معلناً أو ظاهراً في صورة إنسان ولهذا يقول الكتاب المقدس عن المسيح (هو صورة الله غير المنظور) (كو 1 : 15)
ويقول أيضاً "هو بهاء مجده (أي مجد الله) ورسم جوهره" (عب 1 : 3)
5- بالإضافة إلى ذلك فأن كلمة "ابن" تفيد الملازمة وعدم الانفصال:
فقولنا (المسيح ابن الله) نقصد أن المسيح من جهة لاهوته ملازم لله ولم ينفصل عنه رغم أنه كان في الجسد. ولذلك نقول في القداس الإلهي (بالحقيقة نؤمن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين).
"إن الأقنوم جوهر واحد. فإن الكلمة والآب وجود واحد، وأنك حين تقول الآب لا تدل على ذات منفصلة عن الابن لأنه لا تركيب في الذات الإلهية (أي أن الله غير مركب من ذوات أو نفوس متعددة) ".
مما سبق يتضح لنا الآتي:
1- أن كلمة (ابن الله) لا يقصد بها المعنى الحرفي (أي الولادة الجسدية).
2- أن كلمة (ابن الله) هي تعبير أراد به الوحي الإلهي أن يقرب معني علاقة (اللاهوت) الذي ظهر في المسيح (بالله) الذي لم يره أحد قط أي أنهما واحد في الجوهر.
3- أن كلمة (ابن الله) تفيد أن المسيح من جهة لاهوته هو مساو لله.
أن كلمة (ابن الله) تفيد أن المسيح من جهة لاهوته هو ذات الله معلناً أو ظاهراً في صورة إنسان.
4- إن كلمة (ابن الله) تفيد أن المسيح من جهة لاهوته هو ملازم لله ولم ينفصل عنه رغم أنه كان في الجسد