شمس Adminstrator مــــــشـــــرفـــــة
عدد الرسائل : 930 العمر : 43 نقاط : 6156 تاريخ التسجيل : 21/01/2008
| موضوع: الصبر على الابتلاء الثلاثاء 19 فبراير 2008 - 13:36 | |
| الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى صحبه ومن والاهأما بعد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفي لقاء آخر نجدد العهد مع الله عز وجل أولا على الصبر والثبات ونجدد اللقاء على أمل الفرج والتوفيق إن شاء الله.. حديثنا لهذه الحلقة سيكون عن موضوع يحتاج إلى وقفة طويلة طويلة طويلة.. يحتاج إلى فقه عميق.. يحتاج إلى تفهم دقيق .. يحتاج إلى رضا وتسليم .. هو موضوع الابتلاء وما يصيب المؤمن في الحياة اليومية .. الله عز وجل في القرآن الكريم في آيات كثيرة يتكلم عن الابتلاء.. من عجيب الصياغات القرآنية يقول الله عز وجل: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} فالابتلاء بالشر فتنة وهذا مفهموم، ولكن حتى الخير هو ابتلاء وهو فتنة وهو امتحان واختبار.. فلا يتصور الإنسان عندما يكون في خير هو في منأى عن الابتلاء، إنما الابتلاء في الخير وفي الشر.لذلك في الأسئلة التي توجه يوم القيامة في موضوع "لا تزول قدم عبد حتى يسأل عن خمس".. ثلاثة منها يسأل عن كل مسألة عن عمره مثلا فيما أفناه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟ وعن شبابه ماذا قدم؟ ثم يسأل عن ماله سؤالين .. ليس سؤالا واحدا دلالة على أن فتنة الخير فتنة المال التي نتصورها نعمة عظيمة وهي فعلا هي فتنة أيضا .. بل هي من أقوى الفتن لأن فيها سؤالين: السؤال الأول .. من أين اكتسبه؟ والسؤال الآخر .. فيما أنفقه؟ هذا يدل على أن الابتلاء في السراء والضراء كلاهما يحمل معنى الابتلاء ويحمل معنى الاختبار .. حقيقة العبودية لله أن أكون عبدا لله ماذا تعني؟ أن أكون عبدا لله تعني أن أكون منصاعا لأوامر الله عز وجل ونواهيه، فأأتمر بكل ما أمر الله عز وجل من أوامر في إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، صوم رمضان، حج البيت، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر.. إلى غيرها من الأوامر، ثم الانتهاء عما نهى الله عز وجل .. نجتنب المحرمات، نجتنب الفواحش، نجتنب الربا إلى بقية المحرمات .. هذا هو الوجه الأول للعبودية .. الوجه الثاني للعبودية ومن المهم أن يفهم فهما عميقا، من أراد أن يكون عبدا لله يجب أن لا يغيب عن باله هذا المعنى الآخر .. لا تكون عبدا لله بالمعنى الأول فقط بالتسليم بالأوامر والنواهي، مع التسليم بالأوامر والنواهي لابد من تسليم ورضا بقضاء الله وقدره، لذلك ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم.. كيف نرضى بالله ربا؟ نرضى بما يأتينا من الله عز وجل هو ربنا فكل ما قدر لنا هو خير إن شاء الله، بهذا المعنى نكون قد حققنا معنى العبودية لله عز وجل وعبدناه حق عبادته وليس عبادة الحرف الواحد {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب..} أي انكفأ {..على وجهه}، الله عز وجل يقول عن هذا {..خسر الدنيا والآخرة}.. ثم يقول {ذلك هو الخسران المبين}، العبادة تعني أن تعبد وترضى وتشكر في الخير وأن تعبد وترضى وتصبر في حالة الفتنة وفي حالة الضراء.والمجتمع العراقي حقيقة أيها الإخوة وأيتها الأخوات اليوم يمر بمحنة كبيرة تحتاج إلى وقفة، محنتنا اليوم ربما من أكبر محن التاريخ قاطبة، لا أقول التاريخ المعاصر أو التاريخ الحديث أو التاريخ الإسلامي؛ بل ربما من أكبر محن التاريخ، الإحصائيات تشير إلى أرقام مذهلة في الابتلاءات.. الإحصائيات التي صدرت قبل أيام عن منظمة الهيومان رايتس ووتش (Human Rights Watch ) تقول إن الضحايا بعد الاحتلال في العراق أصبح أكثر من مليون ضحية، عدد المعتقلين الإحصائيات تتضارب ما بين الخمسين إلى المائة ألف معتقل، عدد الأرامل أكثر من 600 ألف أرملة، عدد الأيتام قرابة الخمسة ملايين يتيم، بلد يعيش هذه المحنة .. إنها حقا محنة كبيرة .. ماذا تعني هذه المحنة الكبيرة؟ ما هي دلالتها؟ أولا .. حقيقة هذه المحنة تدل على أن هذا البلد فيه حياة، لأن الميت لا يضرب هذا الضرب القاسي، الذي يضرب ليؤذى ويتألم هو الحي؛ لذلك اختار أعداء الله عز وجل وأعداء هذا الدين النقطة الحية في هذا الدين وهي هذا البلد الطيب أهله وضربوها هذا الضرب القاسي في محاولة منهم لإيقاف المد الإسلامي في العالم أجمع، ولن يكون ذلك لهم إن شاء الله، هذا معنى حياة، ثم هذا فيه معان أخرى، الذي يتأمل نصوص الابتلاء يجد أن الله عز وجل لما خلق الابتلاء في الخير وخلق الابتلاء في الشر لأغراض كثيرة، من هذه الأغراض مثلا الله عز وجل يريد أن يبين حتى يوم القيامة عندما يلقي الفاشل .. الابتلاء هو امتحان .. ومن يفشل في الامتحان يجب أن يعاقب على فشله، والذي ينجح يكافأ على نجاحه؛ لذلك عندما يعاقب الله عز وجل أحدا من الفاشلين هذا يجب أن يقتنع أنه استحق العقوبة لفشله في الابتلاء سواء كان في ابتلاء السراء أو ابتلاء الضراء، في ابتلاء الخير أو أو ابتلاء الشر .. هذه من فوائد الابتلاء .. لذلك الله سبحانه وتعالى يقول في سورة آل عمران: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} هو تمحيص.. تنقية للصف الإيماني لأن المؤمن .. الإيمان ككلمة نتكلمها جميعا لكن الإيمان كموقف الكثير يتزعزع أمام الموقف الإيماني الصلب ولا يصمد إلا القليل، لذلك يقول الصالحون: "لا تغرنك كثرة الهالكين ولا تستوحش من قلة السالكين"، الذين يصمدون في المواقف الرجولية البطولية الصعبة الإيمانية التي تمحص هم القلة وهم الذين مدحهم الله عز وجل في القرآن الكريم {وقليل من عبادي الشكور} والذين يتساقطون قال الله عز وجل: {ويمحق الكافرين} يمحقهم ويستأصلهم..الابتلاء في النهاية لن يستأصل مؤمنا؛ بل هو تمحيص للمؤمنين، هذا يجب أن يترسخ عقيدة راسخة في نفوسنا، لن يستأصلنا الابتلاء رغم ارتفاع الرقم، مليون وأكثر من مليون، ستبقى هذه الأمة تقدم الشهيد تلو الشهيد والضحية تلو الضحية، من أجل لا إله إلا الله محمد رسول الله.. الابتلاء سيمحق الكافرين، سيستأصلهم سيقطعهم من جذورهم ومن أصولهم؛ لذلك النتيجة الحتمية ستكون في النهاية هي التمكين لأهل "لا إله إلا الله"، والخذلان والمحق لأعداء "لا إله إلا الله" إن شاء الله.هذه فائدة الابتلاء الأولى، ثم هناك نصوص أخرى تدل على فوائد أخرى للابتلاء، مثلا "إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه"، و"لا يزال الابتلاء في العبد حتى يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة".. الابتلاء عملية غسل وتطهير للإنسان المؤمن المبتلى، الذنوب في هذه الحياة كثيرة أوحالنا أصبحت كثيرة، لا نستطيع أن نحفظ أسماعنا، لا نستطيع أن نحفظ أبصارنا، لا نستطيع أن نحفظ شؤوننا من مغيرات الحياة الكبيرة، كيف سنواجه هذه المصائب الذنوب التي نرتكبها يوميا؟ الابتلاء بالنسبة للمؤمن تطهير، لا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه من خطية، تصور عبدا يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة..العقوبات في الشريعة الإسلامية هناك ثلاثة أنواع من العقوبات، عقوبة في الدنيا، عقوبة في القبر، عقوبة يوم القيامة. الله عز وجل إذا عاقب عبدا على ذنب حاشاه ومن عدله أن لا يعاقب عليه مرة أخرى، لذلك عندما يبتلى العبد ابتلاء هو عقوبة على ذنوب.. "إن الله إذا أحب عبدا ـ في حديث آخر ـ عجل له العقوبة في الدنيا بالابتلاء"، ولا يزال البلاء في المؤمن.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر.. ولا يزال البلاء في المؤمن في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله عز وجل؛ لأن البلاء عملية تطهير وتطييب لنفس المؤمن من كل شوائب المعاصي والانحرافات التي يرتكبها في سلوكه اليومي، وسبحان الذي لا يرتكب معصية ولا يرتكب إثما ولا يزيغ ولا ربما تزل به القدم في موقف معين.هذه الذنوب يجب أن نعاقب عنها، من عدل الله عز وجل أن تعاقب على الذنب عقوبة، العقوبة تكون في الدنيا تكون في القبر، تكون يوم القيامة، أهون العقوبات عقوبات الدنيا، ثم عقوبات القبر، ثم عقوبات يوم القيامة، والنصوص في ذلك كثيرة، ولو أردت أن أسترسل ربما سيطول الحديث، لكن يكفي أن أوضح المعاني، فعندما تعاقب في الدنيا على ذنبك من عدل الله عز وجل أن لا يعاقبك عليه مرة أخرى لا في القبر ولا يوم القيامة، إذن عندما تنظر بهذا المنظار وتجد نفسك طيبا تمشي على الأرض بلا خطيئة بسبب الابتلاء تجد أن الابتلاء فيه منفعه في النهاية لو صبر العبد عليه ونجح في اختباره؛ لأنه سيأمن من عذاب القبر وسيأمن من عذاب يوم القيامة إن شاء الله، هذه من فضائل الابتلاء أيضا.من فضائل الابتلاء في بعض الأحيان أعمالنا لا تسعفنا في أن تبلغ بنا المنزلة التي كتبها الله عز وجل لنا في الجنة، الجنة درجات وهذه درجات متفاوتة جدا، ربما تسبق في.. في الحديث الصحيح في صحيح مسلم .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المنزلة لتسبقك عند الله للعبد، لا يبلغها بعمله" منزلة عالية أعماله لا تؤهله لأن يبلغ تلك المنزلة العالية، ليس له جهاد، ليس له معروف، ليس له نهي عن منكر، ليس له أعمال وطاعات كبيرة تؤهله بأن يبلغ المنزلة العالية، المنزلة كتبت عند الله عز وجل كتبت عنده منزلة عالية، هل يمحى علم الله سبحانه وتعالى وتمحى منزلته العالية؟ لا .. حاشى لله، إنما يحدث الله عز وجل لهذا العبد ما يرفع به درجته عنده ومن ضمن ما يرفع به درجته لا يبلغها بعمله فيبتليه الله حتى يبلغ تلك المنزلة أو كما قال صلى الله عليه وسلم.إذن الابتلاء يساعد في رفع المنزلة عند الله عز وجل المنزلة العالية الكبيرة التي كتبت له والتي لا يبلغها بالعمل، إنما يبلغها بالابتلاء الذي يبتليه، الابتلاء عندما تأتي إلى النصوص، سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاء؟ وهنا نحتاج إلى وقفة.. في فهمنا البسيط عندما نرى رجلا مبتلى في صحته في عافيته في أهله في ماله في بعض الأحيان تصدر بعض الكلمات من بعض الناس كأنهم يستصعبون الحال ويقولون إنه لا يستحق هذا البلاء .. سبحان الله ماذا فعل كي يبتلى كل هذا البلاء؟! هو الحقيقة أن الله عز وجل عندما يبتلينا هل يريد أن ينتقم منا؟ يريد أن يعذبنا؟ .. لا .. حاشى لله .. لو كان الابتلاء للانتقام ما كانت سنة الابتلاءات هكذا .. لو نتأمل بعمق أي الناس أشد بلاء؟ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب الأنبياء.. أحب الناس إلى الله من؟ الأنبياء .. أشد الناس بلاء؟ الأنبياء .. ثم الأمثل أي الأقرب .. فالأمثل .. يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه شدة .. اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله عز وجل حسب دينه حتى يمشى على الأرض وما عليه من خطيئة.إذن شدة البلاء تدل على علو المنزلة وعلى محبة من الله عز وجل وتدل على قرب ينالها هذا العبد المبتلى بابتلاء الله عز وجل له، طبعا هذا لا يعني أننا نتمنى البلاء، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسأوا الله العافية، ولكن إذا لقيتموهم (أي الأعداء) فاثبتوا" الأصل أننا نسأل الله العافية، لا أحد يتمنى أن يقع في امتحان ربما يكون صعبا عليه، هذه في الحياة الدنيا أيضا واردة، لا أريد أن أدخل في مآزق وامتحانات صعبة، أنا أريد المخارج السهلة، لكن إذا وقعت في الامتحان الصعب، لو قدر الله لي امتحانا صعبا يفترض بي أن أكون من أهل الصبر والثبات في مثل هذه الامتحانات الصعبة وأثبت وأصبر وأثابر حتى أخرج بنتيجية إيجابية تسرني في الدنيا وترفع رأسى إن شاء الله يوم القيامة .. إذن فالابتلاء كما هو يمحص ويبين هو يطيب ويطهر هو يرفع الدرجات عند الله عز وجل يوم القيامة، ولكن الابتلاء يستلزم صبرا .. نأخذ فاصلا ثم نعود لنتكلم عن الصبر على البلاء......................................................................... | |
|
لولو البغدادية Hero Member عــضــو مـــاســـي
عدد الرسائل : 884 العمر : 39 نقاط : 6155 تاريخ التسجيل : 21/01/2008
| موضوع: رد: الصبر على الابتلاء الأربعاء 20 فبراير 2008 - 10:09 | |
| مشكورة على الموضوع
بارك الله فيك | |
|