تتطلع شعوب العالم أجمعها للعيش تحت ظل حكومة رشيدة وحكيمة تقودهم بحكمة وتمكنهم من العيش بسلام ومستوى من الرفاهية والتقدم , وتحميهم من عاديات الزمن وتنقذهم من الظروف الاستثنائية التي قد تحدث لهم بحكمة وروية , وتكون مسؤولة بصورة كاملة عن مصير الشعب والتصرف بممتلكات وخيرات البلد لخدمة المواطن الذي يعتبر أمانة في رقاب تلك الحكومة , إلا في عراق ما بعد عام 2003 فقد شهد ظاهرة غريبة لم يشهدها أي بلد من بلدان العالم , إذ اختفت فيه كل معالم السياسة القديمة والمعاصرة ، وأصبحت حماية وأمن الحكومة والحفاظ عليها هي من مسؤولية المواطن ، وإحدى صفات المواطنة الصالحة التي يجب أن يتحلى بها المواطن العراقي شاء أم أبى من أجل ديمومة تلك الحكومة وبقائها على كراسي الحكم بالرغم من أنها لم تقدم له أي شيء سوى الخراب والدمار والبطالة والفقر ونقص في أبسط الخدمات التي يحتاجها المواطن وخلفت أنهاراً من الدماء على مدى سبع سنوات خلت , بعد أن كرست كل جهدها وطاقاتها في تأسيس وبناء مؤسسات أمنية هائلة ، وصرفت ملايين الدولارات على تجهيز أفراد الجيش والشرطة من أسلحة ومعدات وأجهزة كشف تصب في حمايتها فقط وليس في حماية المواطن , ليس غريباً على حكومة حديثة الولادة لا تمتلك باع طويل في مجال السياسة وأبطالها لا يمتلكون حنكة ودراية في الأمور السياسية , وجل اهتمامهم هو تحقيق مصالحهم الشخصية وإرضاء دول خارجية إقليمية ، والعمل تحت أجنداتها من أجل تدمير العراق وشعبه . إن المنعطف التاريخي الذي دخله العراق في السنوات القليلة الماضية قلب كل الموازين والقيم المتعارف عليها رأساً على عقب في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية , وبات المواطن في حيرة من أمره لا يعرف سوى الصبر وانتظار مصيره المجهول وكأنه يدور في حلقة مفرغة لا قرار لها ........