عدد الرسائل : 50 العمر : 44 جنسيتك : عرااقــي نقاط : 5660 تاريخ التسجيل : 25/10/2009
موضوع: خطوات نحو الإصلاح والتجديد في المنهج التعليمي الخميس 18 فبراير 2010 - 17:08
أولا : تنمية المنهج الدراسي وإصلاحه إن المناهج الدراسية في العراق : كمناهج التاريخ والجغرافيا فإنها مَدعاة للجدل ، وأما المناهج العلمية فقد أكل عليها الدهر وشرب ، فتغيير المناهج الدراسية في العراق كما يرى خبراؤنا أهم ما يمكن التركيز عليه حالياً كونها تتعلق بثقافة بلد كامل وأجيال قادمة . يجب أن تكون هناك صلة وثيقة بين التربية والتعليم وضرورة وضع المناهج بما يخدم الطالب ويرفع من مستواه العلمي . وبحسب المختصين فإن المناهج الدراسية الحالية « عبارة عن كتب تقليدية بعيدة جداً عن ما يدرس في أي بلد آخر ، فتجد العلوم مثلاً تدرس جسم الإنسان والحيوان والنبات من الابتدائية ، ثم تكرّر حتى الثانوية ولا شيء جديد فيها ولا يوجد تركيز على شيء اسمه موهبة الطالب . إن العالم الآن بدأ يركّز على موهبة الطالب في مجال معين ، والعلوم الأخرى تعطى له بشكل ثانوي ، أما في العراق فليس هناك مجال للإبداع في الرياضيات أو علوم الحياة أو اللغة ، الكل يدرسون ، والكل يمتحنون لكن النتائج متباينة ... الاستطلاعات تؤكد أن ( بيئة الدراسة ) سيئة ، ومن جهتها فإن « وزارة التربية تعلن دوماً عن حاجة العراق لأكثر من أربعة آلاف مدرسة ، الأمر الذي يعني أن هناك كثافة طلابية في المدارس الحالية ، وهذا شيء يؤثر على مستويات التدريس » . والثابت أن « هناك مئات المدارس مبنيّة من الطين ، وأخرى قديمة ، أما الحديثة منها فلا توازي التطورات العالمية ، إن الطالب بحاجة إلى بيئة تشجعه فعندما يجد جهاز حاسوب ، وحديقة جميلة ، وجدراناً نظيفة ، وكتباً فيها علوم منوعة ، وتجهيزات حديثة ، تجده يتشجع على المواظبة فكيف نخلق بداخله رغبة التواصل وهناك مدارس مثلاً من دون مقاعد ، أو فيها لكنها غير كافية ، ومؤخراً وجود مدارس في بعض المناطق في ديالى عبارة عن بيوت استؤجرت وعلى ذوي الطالب دفع مبالغ الإيجار » . لذلك نرى ضرورة وضع خطة استراتيجية شاملة خاصة ، تتعلق بتحديث وتطوير المناهج الدراسية للمراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية لتغيير المناهج الدراسية كافة وبما يلائم التطور الحاصل في الدول المتقدمة ووفق الفلسفة التربوية الحديثة وتطوير المناهج والمقررات على أسس علمية ، من حيث إدخال معلومات المواد والتقنيات المستخدمة في عرض كل مادة ، العلمية منها والأدبية . وكذلك نرى ضرورة نزع الأفكار المتطرفة من المناهج التعليمية على أيدي التربويين العراقيين أنفسهم ، والذين يجب أن تعطى لهم الفرصة لصياغة مناهج تعليمية عراقية تعكس ثقافة أهل العراق وقيمهم الاجتماعية ورؤيتهم لمستقبل بلادهم ، كما يجب أن يتم ذلك بدون أية ضغوط خارجية حتى لا تتأكد مخاوف العراقيين من وجود محاولات أجنبية للهيمنة الثقافية عليهم .
ثانياً : المسارعة لبناء قطاع تربوي متكامل أثبتت الدراسات بأن النظام التربوي في العراق يؤكد على الجانب المعرفي فقط من دون الاهتمام بالجوانب الأخرى التي تتعلق بالتقدير والشعور والمهارات اليدوية والحركية وتفوق الجانب المعرفي في هذه الأهداف عند تطبيقها بنسبه تصل إلى أكثر من 90% بالمئة وعلى الرغم من خطورة هذه النسبة إلا أن وزارة التربية والتعليم العالي بقيتا عاجزتين عن إبداء أي رغبة بتغيير ذلك . إن عملية التربية والتعليم ليست إعداد للمستقبل ، بل إنها عملية الحياة نفسها ، لذا يتوجب على المربين الاهتمام بثلاثة أمور هامة لتربية النشء وهي : 1. تعاون البيت والمدرسة على التربية والتوجيه . 2. التوفيق بين أعمال الطفل الاجتماعية وبين أعمال المدرسة . 3. وجوب إحكام الرابطة بين المدرسة والأعمال الإنتاجية في البيئة . لقد قلب التطور الكبير لمفاهيم التربية والتعليم في عصرنا الحالي المفاهيم التي كانت سائدة فيما مضى رأساً على عقب ، وبما يشبه الثورة في المفاهيم التربوية فبعد أن كانت المدرسة القديمة لا تهتم إلا بالدراسة النظرية ، وحشو أدمغة التلاميذ بما تتضمنه المناهج والكتب الدراسية لكي يؤدوا الامتحانات بها ، والتي لا تلبث أن تتبخر من ذاكرتهم ، أصبحت التربية الحديثة ترتكز على اعتبار الطفل هو الذي تدور حول محوره نظم التعليم ، وأصبح النظام في المدرسة يمثل الحياة الاجتماعية والتي تتطلب الاشتغال في الأعمال الاجتماعية ، من قبل الإنسان وتلقائية الطبيعة ، وأخيه الإنسان . ولقد صار لزاماً على المدرسة أن تشبع حاجة التلاميذ للأمن ، وتعطيهم الفرصة لفهم أسرار العالم المادي ، والعالم الاجتماعي ، وتهيئة فرصة التعبير الحر عن نزعاتهم المختلفة ، التي تمكنهم من كسب المهارات العقلية ، واللغوية ، والاجتماعية . ولكي تؤدي المدرسة مهامها التربوية على وجه صحيح فلابد من ربطها بالمجتمع ، وهو ما أخذت به المدرسة الحديثة ، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ منه ، لا تختلف عنه في شيء سوى كونها مجتمع مصغر ومشذَّب خالي من الشوائب التي نجدها في المجتمع الكبير ، وأصبح النظر إلى دور المدرسة في المجتمع هو النظر إلى الثقافة بمعناها الواسع ، أي بآدابها وعلومها وفنونها وعاداتها وتقاليدها ، ونواحيها المادية والتكنيكية ، وقد تطلّبَ ذلك إعادة بناء المدرسة بحيث تلعب دورين أساسيين في خدمة المجتمع الذي تنشأ فيه وهما : 1. نقل التراث بعد تخليصه من الشوائب . 2. إضافة ما ينبغي إضافته لكي يحافظ المجتمع على حياته ، أي بمعنى آخر تجديد المجتمع وتغييره وتطويره بشكل مستمر بما يحقق الخير والسعادة لبني الإنسان .
ثالثاً : الثورة التربوية الديمقراطية لكي تستطيع المدرسة في العراق القيام بواجبها تجاه أجيالنا الصاعدة فإنها بحاجة ماسّة وعاجلة إلى ثورة تربوية ديمقراطية ، تتناول كافة المجالات المتعلقة بالعملية التربوية ، طلاباً وإدارة ومعلمين ومناهج تربوية وإشراف تربوي ، وهذا يتطلب إعادة النظر بإدارات المدارس وإزاحة العناصر الخاملة والمتخلفة عن روح العصر ، وبث مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في المناهج الجديدة ، والتأكيد على بث روح المحبة والتسامح داخل المجتمع ، وتقبل الرأي الآخر ، ورفض العدوانية والتعصب بكل أشكاله وصوره ، وبشكل خاص التعصب الديني والطائفي والقومي . رابعاً : إعادة تأهيل الكادر التعليمي فيما يخص المعلمين الذين يمثلون شريحة كبيرة في المجتمع ، وذات التأثير البالغ في العملية التربوية ، فإن من الضروري القيام بحملة تثقيفية على شكل دورات صيفية تتناول ديمقراطية التربية ، وتخليصها من الفكر المتزمت . فهناك مشكلة مركزية بدأت تؤثر على الواقع التربوي وهي مشكلة بعض المعلمين والمدرسين الذي ينتمون إلى أحزاب متنفّذة ، وبالتالي فلا يمكن محاسبتهم . ولا يمكن رفض طلب نقل يتقدمون به مهما كانت الحاجة ماسّة إلى خدماتهم .
خامساً : حلحلة مشكلة الكثافة مشكلة الكثافة العددية التي تعاني منها بعض المدارس والاهتمام بمدارس المركز على حساب مراكز الأطراف من أهم المشاكل التي تواجة القطاع التربوي . فهناك جملة من المشاكل والمعوقات أبرزها الكثافة العددية لبعض المدارس في المناطق ذات الزخم السكاني العالي ، الأمر الذي جعل إدارات بعض المدارس تضطر إلى التقليل من الحصص الدراسية لعدم قدرتها على طرح جميع المواد الدراسية ولعدم وجود الوقت الكافي .
سادساً : المساواة بين مدارس المراكز والأطراف ثَمّة مشكلة أخرى وهي تكثيف الاهتمام بالمدارس الواقعة ضمن مراكز المدن حيث يتم الاعتناء بها وتقديمها كنموذج ودعمها بكوادر تعليمية جيدة ، في حين تهمل مدارس الأطراف لدرجة عدم توفر ظروف ملائمة لاستمرار الطلبة في مدارسهم حتى وصل الأمر إلى عدم توافر تدريسيين لتدريس الطلبة .
سابعاً : الموضوعية في النقل عمليات التنقل مابين المدارس عادةً ما تجري وفق أسس غير علمية ... فيتم نقل بعض المعلمين بأوامر جهات أعلى مع حاجتنا الماسة لاختصاصاتهم لتقديم المنهاج الدراسي ، وهذا ما بات يؤثر على إتمام المقررات الدراسية بشكل سليم .
ثامناً : اعتماد مبدأ الكفاءة في المناصب إن استئثار طائفة واحدة بأغلب المناصب الإدارية ينتج كثير من الاضطراب والفوضى في كثير من المؤسسات التربوية ، لذا فإن اعتماد مبدأ الكفاءة وفق المعايير المهنية كفيل بالقضاء على ظاهرة المحاصصة في المناصب التربوية .
من كتاب العراق على خطى تصحيح المسار للدكتور نهرو محمد عبد الكريم - ص 71 - 76 .