الله : هو روح ازلي والى الابد رحمته ،، الكائن والذي كان والذي يكون ،،
هو خالق السماوات والارض ،، وكل ما يدب عليها ،، له القوة والجبروت ،،
ولكنه ليس كما يتخيله البعض ،، كشيخ هرم في يده عصا ليؤدب بها الناس ،،
الله محبة ولا يوجد فيه غش ،، بل هو قدوس اله هذا الكون محب للجميع ،،
لذلك فهو الله محبة عظيمة ولا يجوز ان يامر بالقتل او الكره لانه ضد ارادة الله،،
الله : لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤ احد ،!! له ما في السماوات وما في
الارض ،، ملك الملوك ورب الارباب ،، وليس لملكه نهاية ،، من الازل
والى الابد هو ، هو ،، لا يتغير وليس له تبديلا ،،
الله خلق الانسان وقال ( خلقنا الانسان على صورتنا كشبهنا ،، على صورة
الله خلق الانسان ،، والانسان متكون من الروح والنفس والجسد ،، على صورة
الله ،،( الذات الالهية ،، والحكمة الالهية ،، والروح القدس ) وعندما قال
خلقنا بصيغة الجمع كان هنا ك " الذات الالهية والحكمة الالهية والروح
القدس " وشاركوا معه في الخليقة ،، اي الله وحده ،، وبما ان * نفس الانسان
وجسده وروحه * هو الانسان نفسه * هكذا هو الله " الذات الالهية ،، والحكمة
الالهية ،،وروحه القدوس ،، هو الله نفسه ،،!!
لذا نقدر ان نقول ثلاثة اقانيم باله واحد * وليس معنى هذا انه يوجد ثلاثة
الهة ،،!! حاشا لله ،، بل ان الله واحد له ثلاثة شخصيات ،، بنفس الجوهر والصفات
ونفس القوة والسلطان ،، ولا يقبل الفصل بينهما ،، وهما الذات والحكمة والروح ،،
مثلا :-
الشمس : قرصها وشعاعها وحرارتها وضوؤها ،، فهل يقدر الانسان ان يفصل
بينهما ..؟ كلا * لانها كلها واحد ،،هكذا الله ذو الثلاثة اقانيم هو واحد ،،
الله ذات : لا نقصد بقولنا ان الله ذات انه شخص كالاشخاص المحدودة ،،
او انه ذو جوهر مماثل للجواهر المخلوقة ،، لاننا نؤمن ان الله لا شبيه له
ولا نظير،، ولكننا نقصد انه كائن له وجود ذاتي ،، يستطيع التعبير عن نفسه
بكلمة " انا " وهو ليس مجرد طاقة او معنى ،،
ومع شديد الاسف ، سرت سموم الالحاد بين الشباب في جيلنا الحاضر ،،
" وخاصة في الغرب " وقد ظن بعض القادة ان الاعتراف بالله والخضوع
للدين ،، يقتل في الشباب عناصر الطموح ونوازع التقدم ،، وهذا خطا ،،
لان الدين هو افضل دافع للفضيلة ،، كما انه اكبر حافز للحب والايثار ،،
واعظم مشجع على الرقي والتقدم ،، واعطاء حياة افضل على الارض ،،
مع حياة ابدية في السماء ،،
لذلك فنحن بحاجة الى الكتاب المقدس ،، ليعلمنا عن الله وقوته وعدالته
وسلطانه ، مع محبته الفائقة للانسان ،، لان :-
1- الطبيعة لا تكفي للاعلان عن الله لانها تظهر قوة الله وسلطانه ،، لكنها
لاتعالج موقف الانسان من الله ،، انها تثير الرهبة والخوف ،، لكنها
لا تجذب القلب بالحب والولاء ،،
2- حكمة الانسان لم توصله الى معرفة الله ،، لان حكمة الانسان عند الله
جهالة ،، وفي حكمته جمع فكر الانسان الى كورة الظلال والابتعاد ،،
وعبد الانسان المخلوق دون الخالق ،،
3- كان لابد ان يعلن الله نفسه للبشر ، ليعلمنا عن ذاته وصفاته ويقودنا
الى معرفته والتعبد له ،، كاساس ومصدر وجودنا ،، وبذلك يقضي الله
على جموح الانسان وتمرد كبرياء قلبه ،،
4- ان الحقائق التي تهدي الانسان وتقود خطواته الى الحق والفضيلة
لا تاتي من الانسان ،، انها تاتي من فوق ،، من الله الكامل في جميع صفاته ،،
5- كان لابد ان يعلن للبشر عوامل السقوط في الانسان ، ودخول الخطية
الى العالم ،، كما يعلن ايضا طريق الفداء ، ومقاصد الله الصالحة من نحو
الانسان ، بالانتصار على الخطية والتمتع بالحياة الابدية ،، ولا سبيل لتحقيق
هذا كله الا بالكتاب المقدس ،، الذي هو طريق الله لخلاص البشرية من الموت ،،
6- هذا فضلا عن ان الكتاب المقدس لازم ليعلن الله للبشر ، الناموس الادبي
والاجتماعي في معاملة الله للانسان ،، ومعاملة الانسان لله ، ومعاملة الانسان
لاخيه الانسان ،، والذي يمثله حب الله للانسان ، وحب الانسان لله ، وحب الانسان
لاخيه الانسان بدون رياء ولا نفاق ولا مصلحة تطغي عليه ،،
التثليث والتوحيد
_________
عقيدة التثليث تنفرد بها المسيحية عن الديانات الاخرى ،، وبهذه العقيدة عالجت
المسيحية قضية الانسان لتقوده الى معرفة الله والخلاص ، من سلطان الخطية والموت
والدينونة ،، وتفتح امامه ابواب الرجاء السعيد بامجاد الخلود ،، والحديث عن موضوع
التثليث والتوحيد يتضمن الاتي :-
اولا: المقصود بالتثليث والتوحيد :
____________________
1- ان الله جوهر واحد في ثلاثة اقانيم , قد يبدو هذا التعليم غريبا لاول وهلة ،،
والحق انه فوق طاقة العقل البشري المحدود الادراك ،،القاصر الفهم , ويحتاج الى
نور الايمان قبل ان يحتاج الى اقناع الفكر ،،
2- ان الايمان بالله الخالق القادر صاحب السلطان , هو ايمان تشترك فيه كل الديانات ,
وقد تعدى البشر شريعة الله وكسروا وصيته , كما ان البشر لا يستطيعون الوفاء
بما عليهم لعدل الله ،، لذلك لا بد لعلاج الامر من وجود وسيط وفاد الهي , ليسدد
الدين وينقذ من القصاص , وكذلك فان البشر لا يستطيعون ان يجددوا صورة الله
في طبيعتهم الساقطة بجهودهم البشرية ،، لذلك اقتضى الامر ايضا لتجديد طبيعة
الانسان نحو البر والصلاح , وجود مقدس الهي ،،
3- هذا التعليم المستمد من الواقع يوضح * الله الخالق * والله الفادي * والله المقدس ،*
بما يعني * الله الاب * لانه اب الجميع * والله الابن * لانه كمل عملية الفداء *
والله الروح القدس * لانه قدس الانسان بروحه * هذه الاقانيم الثلاثة في جوهر
واحد , وان اختلفت في الوظائف والاعمال , فتنسب بعض الخواص الى الاب
كالعناية والرعاية ،، وينسب الفداء الى الابن ،، كما نسب التجديد والتقديس
الى الروح القدس ،،
4- هذه الاقانيم الثلاثة واحدة في الجوهر , متساوية في القدرة والمجد , لا كبير
فيها ولا صغير , لا سابق للزمن ولا مسبوق , لا والد في الجسد ولا مولود ،،
والتثليث هو وسيلة لاتمام الفداء , فالابن الاقنوم الثاني من اللاهوت تجسد
وعاش في ارضنا ( فيلبي 2: 5- 11 ) واكمل الخلاص بدمه , وليس من يقدر
ان يصالحنا مع الله الاب الا الله الابن , وهكذا الاقنوم الثالث من اللاهوت ,
يجدد قلوبنا ويطهرها ليؤهلنا لحضرة الله القدوس ،، الله الاب بذل , الله الابن
احب , الله الروح القدس يجدد ويطهر ،، وهذه هي الخدمة المثلثة لله المثلث الاقانيم ،،
الاقنوم
____
وكلمة " اقنوم " لفظ يوناني يصعب تحديد معناه باللغة العربية في الدائرة
اللاهوتية , ويقصد به واحد من الاب او الابن او الروح القدس ،، فهو عبارة
عن الامتياز في الجوهر الواحد , وهو ذات الله ،،
اذا فالاقانيم الثلاثة هي ثلاثة مظاهر لحياة جوهر واحد , غير منفصل , ولا منقسم ,
ولا مجزا ،،،
على هذا الاساس يكون التعدد الاقنومي في اللاهوت لا يلحق الجوهر , بل هو
تنوع في العمل , اذ ان لكل منهم جوهر اللاهوت الواحد منذ الازل والى الابد ،،،
ان تعليم التثليث والتوحيد هو سر قوة المسيحية وهو موضوع ايماننا الاقدس ,
وعلى هذا التعليم المبارك عاش القديسون ورقدوا على الرجاء ؛ وكان لهم هذا
الايمان قوة فعالة لحياة النصرة ونصرة الحياة ,,,