لا يختلف أهل بيت ما على قضية إلا إذا شاب نوايا بعضهم ما يتقاطع ومصلحة بقية الإخوان ، ولا توجد مصلحة عائلية (مشروعة) إلا وفائدتها تعم الأهل كافة ، كما لا توجد مصلحة شخصية لأحد أفراد العائلة ، لا ترضي كل الأهل هذا مع افتراض توافر حسن النية لدى الجميع إلا وفيها ضرر ما يحلق بالمصلحة العائلية . وما ينطبق على المصلحة العائلية ينطبق بالضرورة على المصلحة العامة أو الوطنية على وجه التحديد .
على أن ما يثير الغرابة والدهشة والعجب ، وهي مشاعر كثر تفشيها في نفوس المواطنين في زماننا هذا هو أن البعض ممن يتزيا بزي الوطنية ، يغضب ويعربد وربما يفعل أكثر من ذلك في السر والعلن فيما لو واجه قراراً أو مشروعاً أو سياسية تلوح فيها بوادر لم الشمل وتذويب الفروقات الاجتماعية ورفع الضيم وإحقاق الحق وإزهاق الباطل .
إن الكل يعرف أن هنالك فرقاً بين النظرية والتطبيق وأن المشروع السياسي قد يواجه بعض العقبات هنا أو هناك فيناله شيء من التعديل والتحوير . ولكن ان لا يتوافر أي رابط بين النية والسلوك وبين الشعار والممارسة ، وبين النية والعمل فهذا يقع حتماً في خانة ما لا يحمد عقباه وفي خانة التأسيس للظلم المقنن والطغيان ( المشروع ) .
إن عرضاً تقويمياً سريعاً لأوضاع الدول المعاصرة في شرق المعمورة وغربها يبين لنا أن أكثر تلك الدول استقراراً وتقدماً وإنتاجاً وثراء وسعادة . . الخ هي الدول التي تتمتع بأنظمة أكثر ديمقراطية من غيرها ، ونقول أكثر من غيرها ، لأننا نود أن نشير إلى الديمقراطية هي في حقيقتها ديمقراطيات وأنها تتفاوت من بلد لآخر وإنها تقف في بلد عند حدود إصدار القوانين وتطبيقها بينما نراها في البلد الآخر متغلغلة في كل مفاصل الدولة والمجتمع وصولاً إلى رياض الأطفال وإلى البيت والعلاقات الأسرية .
إن الصورة المعاكسة لهذا الوجه ( المشرق ) هي صورة اختلاف المقاصد وتقاطع المذاهب وتضارب المصالح وصورة التهديد بالاعتزال عن اللعبة السياسية وحتى التلويح بالراية الحمراء وهو ما كنا نجده ماثلاً أمام ناظرينا بعد كل مرحلة سياسية يحاول العراق أن يتجاوزها إلى التي تليها على أن من يلجأ إلى مثل تلك الأساليب في التعامل مع الآخرين فهو إنما يريد أن يوصل رسالة إلى الغير مفادها أن عراقنا ( الحبيب ) الذي يتكون من إثنيات متعددة وطوائف مختلفة لا يربط بين ( أجزائه ) تلك إلا روابط معنوية يمكن ( التخلص ) منها بقرار سياسي يصدره زعيم وطني متى شاء ذلك أو متى أغضبه الآخرون وأثاروا حفيظته الوطنية.
وإن على هذا القائد ، سواء أكان ناسياً أم متناسياً أن يعلم بأن أي بلد من بلاد الله تعالى يتكون من أجزاء شتى وإن هذه الأجزاء لا يربطها أي ربط معدني أو قهري وإنما هي الروابط المعنوية ذاتها التي تكونت عبر مئات السنين فولدت في نفوس المواطنين أحاسيس عميقة تشدهم إلى وطنهم وإلى إخوانهم برباط أخلاقي مقدس يصعب على أي دخيل أو واهم أن يفله أو يقطعه أو حتى يرخيه .
إذن فلا مجال أمامنا إلا أن نعيش سوية . وأن نعيش سوية بأمان ووئام فليس لنا إلا أن نختار العدالة الاجتماعية مذهباً ومعتنقاً وأن نتمنى العدالة فلا خيار لنا سوى خيار الديمقراطية الحقة 0
ولمعرفت المزيد يرجا الدخول على الموقع ادناهhttp://http://cinu-dn.com/index2.php